ما هي الصفة التي تتجاهلها المنظمات عند اختيار القيادة؟

عندما نسأل شخص عن صفات القائد الجيد سيمطرنا بعدة صفات ومهارات مثل: القدرة على الاقناع، القدرة على اتخاذ القرارات، حسن الاستماع، لديه رؤية، القدرة على ادارة الاعمال وقائمة طويلة من الصفات والمهارات.

وتقوم المؤسسات عادة باختيار القادة وفق عملية سياسية بحتة وليس وفق نموذج مؤشرات لإختيار القادة. حيث هناك أكثر من دراسة تثبت ان الاختيار يكون وفق من لديه كاريزما للتأثير على الاخرين حتى وان كان متواضع المهارات، كثير الكلام اثناء الاجتماعات (Babble Effect) ولديه شبكة معارف كبيرة في الشركة. وبالتالي يعتقد ان من لديه كاريزما تلقائيا لديه مهارات وقدرة على القيادة وهذه ممارسة سلبية حيث ان العديد من القادة المدمرين أمثال هتلر استخدموا الكاريزما وقادوا بلادهم نحو الهاوية.

ولكن هناك صفة تجد القليل ممن يذكرها او يضع لها أهمية قد يكون ذلك بسبب الصورة النمطية التي نضعها للقادة، هذه الصفة هي التواضع وقد لا يؤيد البعض ان يكون التواضع صفة للقائد لأنها قد تترجم كنوع من الضعف او عدم الثقة ولكن هذا اعتقاد خاطئ، فنقصد بالقائد المتواضع ان يكون متواضعا بشخصيته ويكون قريبا من فريق العمل يسمع لهم ويعترف بخطأه ويأخذ بمشورتهم لقيادة فعالة. ولا نقصد هنا ان يكون القائد متواضعا بمهاراته، بل على العكس تجد القائد المتواضع عالي المهارات وهاديء ولكن رغبته في تحقيق الاهداف تشتعل داخله ولا تظهر في الخارج على شكل ثرثرة وتبجح.

أهمية التواضع والاحتراف في القيادة كانت احد استنتاجات مؤلف كتاب From good to great “جيم كولنز” والذي اجرى بحث عن افضل الشركات أداء Fortune 1000 والذي استنتج ان القائد المتواضع والمصمم على الهدف (المستوى الخامس من القادة) هو أحد أسباب نجاح الشركات المتفوقة. المصدر

ومن ما ذكرناه مسبقا علينا ان نضع خط فاصل لكي نحدد من هو القائد المتواضع ومن هو القائد المتعجرف الذي يعتمد على الكاريزما للتأثير على الاخرين:

1- الاخطاء: القائد المتعجرف لا يعترف بالأخطاء ويلقى باللوم على الاخرين بعكس القائد المتواضع الذي يعترف بأخطائه ويسعى للتعلم منها.

2- حسن الاستماع: القائد المتعجرف ليس بمستمع جيد ويطرح أفكاره فقط بعكس القائد المتواضع الذي يستمع جيدا للأخرين ويساعدهم على تحقيق اهدافهم ان كانت جيدة ويقدم الدعم.

3- الانفتاح: القائد المتعجرف لا يكون منفتحا على افكار الاخرين ويفضل ان يعمل بطريقته بعكس القائد المتواضع الذي يشجع على طرح الافكار وتنفيذها ان كانت جيدة. ومثال جيد لهذه الصفة عندما قال الراحل “ستيف جوبز” بأننا في شركة أبل لا نعمل وفق الهرم الوظيفي بل بالأفكار الجيدة، وان أفضل فكرة تفوز ويتم تنفيذها ناهيك عن منصب صاحب الفكرة.

4- بيئة العمل: يعمل القائد المتعجرف ضمن بيئة عمل يملأها الخوف والمحاسبة على ابسط خطأ بعكس القائد المتواضع الذي يحرص ان تكون بيئة العمل بيئة تعلم من الاخطاء بدلا من بيئة محاسبة.

5- التطوير: لا يؤمن القائد المتعجرف بالتطوير لأنه يعتقد انه يمتلك الخبرة الكافية لقيادة الفريق بعكس القائد المتواضع الذي يسعى دوما لتطوير نفسه من أجل أداء أفضل.

6- التركيز: يركز القائد المتعجرف على مصلحته وأجندته الخاصة بعكس القائد المتواضع الذي يركز على تطوير فريق العمل ونجاح المنظمة.

من المقارنة السابقة نستنج ان القائد المتواضع أكثر فاعلية وتأثيرا على المنظمة من القائد المتعجرف. هذا لا يعني ان نتجاهل المهارات القيادية الاخرى ولكن ان اجتمعت مع التواضع كما ذكر في مستوى القيادة 5 سيصبح القائد فعالا.

ولكي نختم المقال دعونا نستعرض أحد القادة المتواضعين كمثال وكيفية قيادته للفريق وما يقوم به كل يوم ليقود بفاعلية. هذا القائد هو هاروكا نيتشيماتسو الذي يرأس شركة طيران يابانية JAL ويذهب للعمل بواسطة النقل العام ويتناول غداؤه مع الموظفين ليستمع الى افكارهم وايضا مكتب عمله ليس به حوائط لكي يتواصل معه الموظفين بحرية، كما أنه لا يرتدي ملابس باهضة الثمن ويشعر الموظفين انه قريب منهم. كما أنه خفض راتبه لكي يقلل التكاليف وينقذ الشركة حتى أصبح الطيارين يتقاضون أجرا أعلى منه.

الكاتب: صقر الغيلاني

متخصص في ادارة الموارد البشرية ومرشد لتطوير القيادة A professional in Human Resources and a leadership coach

أضف تعليق