ارتبط التعليم والعمل الابداعي بالانسان اضافة الى القدرة على التواصل فهو ما يميز الانسان عن الحيوان. ولكن الانسان يسعى الى التطور والتقدم دائما من اجل الرفاهية وتحدي الطبيعة. واخر ابتكاراته هي Chat GPT برنامج المحادثات الذي يجيب عليك بأسلوبه الخاص ولديه القدرة على عدة أعمال مثل:
1- الاجابة على الاسئلة عن مواضيع شتى بأسلوبه الخاص بدلا من القص واللزق من المصادر
2- تأليف وتلخيص المقالات
3- كتابة القصص والشعر
4- ترجمة النصوص الى عدة لغات
5- برمجة الشفرات وتصحيحها Coding
6- حل مسائل رياضية
بالإضافة الى ما سبق، يستطيع القيام بأعمال متعددة لأنه مبني على الذكاء الاصطناعي وقد قامت شركة OpenAI بتطويره وحصل على مليون مستخدم في أقل من أسبوع متفوقا على جميع المنصات والبرامج الاخرى. وهو مرتبط بقاعدة بيانات الى نهاية 2021 وتم اطلاقة الشهر الماضي، لذلك من عيوبه عدم استطاعته على الاجابة على الاسئلة المتعلقة بمرحلة ما بعد 2021 بالاضافة الى عيوب اخرى.
وقد استغل العديد هذا النظام بكسب المال عن طريق العمل كFreelancers ومساعدتهم بخلق محتوى او كتابة مواضيع للعملاء بوقت قصير جدا مما ضاعف بعدد الاعمال والزبائن. قد تكون الارباح المعلنة من هذه الاعمال مبالغ فيها ويسعى اكثر صانعي المحتوى في يوتيوب وضع مبالغ كبيرة لكي يجذبوا المشاهدين وبالتالي ترتفع عدد المشاهدات، ولكن لا ننكر قوة هذا النظام وقدراته المستقبلية لصناعة المحتوى. حيث جربت عددا من برامج الذكاء الاصطناعي بعمل فيديوات من اشخاص يبدون حقيقيين 100% الا انهم من صنيعة الذكاء الاصطناعي وايضا برنامج آخر يقوم بالرسم بناء على التفاصيل التي تحددها.
بعد هذه المقدمة الطويلة نأتي الى موضوعنا الاساسي وهو هل يهدد ChatGPT الابداع والتعليم؟ والاجابة نعم ولا. لأنه لايمكن التكهن بمستقبل الذكاء الاصطناعي الذي أصبح صندوق أسود.
لنتحدث اولا عن التعليم، حيث استخدم مؤخرا مجموعة من الطلبة في نيويورك هذا النظام لحل الواجبات وقاموا الاساتذة بكشف الطلبة مما تم منع الموقع في مدارس نيويورك. وايضا لجأت الجامعات الاسترالية الى اجبار الطلبة الى استخدام الورقة والقلم في الاختبارات وذلك بعد اكتشاف الاساتذة ان العديد منهم استخدموا البرنامج.
وبالنسبة للغش فهو ظاهرة ليست وليدة اليوم ولا ترتبط بالتكنولوجيا فقط بل هي سلوك للحصول على الدرجات بأسهل الطرق والانسان بطبيعة الحال يتجنب الطرق الصعبة الجادة الا المجتهدين. لذلك على المؤسسات التعليمية ان تتحرك لغرس حب التعليم في الطلبة وايضا لمحاولة فك ارتباط مدى فهم المادة بالدرجات النهائية، حيث بسبب النظام التعليمي المبني على الدرجات أصبح هم الطالب الحصول على درجات عالية أكثر من تعلم المادة نفسها.
عند ظهور اي تكنولوجيا جديدة من الطبيعي ان يتم استغلالها بشكل سيء وظهور مخاوف منها وهناك من يشبهة ظهور الآلة الحاسبة وتأثيرها على قدرة الطلبة الا ان الChat GPT لديه قدرة أكبر على حل مسائل معقدة ويمكن أن يحل مسائل لم يتم حلها على مر السنين. لذا المقارنة هنا ليست بمحلها. وبالرغم المخاوف من الآلة الحاسبة الا انها جعلت الانسان يقوم بعمليات اكثر تعقيدا واسناد العمليات البسيطة الى الآلة الحاسبة.
والآن لنتحدث عن الابداع، انا شخصيا استخدمت البرنامج لكتابة محتوى مقالة ولكن شعرت بانني لست بكاتبها مما غيرت بالمحتوى كله لكي تصبح المقالة مبنية على افكاري. وقد يساعدنا البرنامج بصياغة الافكار والكتابة الا انه على الكاتب ان لا يصبح هو نفسه أداة قص ولزق. وقد يظهر العديد من صانعي المحتوى والكتاب الذين يعتمدون اعتمادا تاما على ChatGPT الا ان سيكون هناك تشابه بين أعمالهم. والمبدع الذي يعتمد على نفسه قد يصبح مميزا مختلف عن الباقي مما يكون للاباع الانساني قيمة.
ولو نظرنا للعديد من الاعمالا الابداعية نرى انها استعارت اعمالا اخرى وغلفتها تغليفا جديدا. وكتاب أسرق مثل فنان يشرح هذه العملية بشكل مفصل. مما يبين ان الابداع ليس بالضرورة عمل أصلي 100% بل يستعير المبدع من الاخرين لتقديم ما هو جديد. فبرنامج Chat GPT سيكون وسيلة جيدة تساعد المبدع الحقيقي اليوم اذا اجاد استغلالها وبشكل اخلاقي.
في الختام، علينا بتعزيز القيم والاخلاقيات لدى الجميع واعتبار Chat GPT كوسيلة تساعد البشر على تحقيق الأهداف لا ان تحل محلهم بالرغم من المخاوف على قدرته الهائلة مستقبلا. وقيمة التعليم والعمل الابداعي هي ما اوصلت الانسان لما هو عليه وعلى المؤسسات والمجتمع تعزيز هذه الفكرة.
صقر الغيلاني 