لا شك أن حضور وانصراف الموظفين مهم لغالبية المؤسسات، حيث تضع بعضها مؤشرات لحساب تكلفة الشركة عند غياب الموظفين، لأن عدم حضورهم يعني التأخر في انجاز العمل وأخذ راتب من دون وجه حق، فساعات العمل محددة في عقد العمل، كما أن هذا الأمر يشكل متاعب لبعض المسؤولين خصوصا عندما يأتون في الصباح لكي يبدأوا العمل بفريق عمل ناقص والمراجعين ينتظرون في القاعات لتخليص معاملاتهم.
تم التفكير بإقرار نظام البصمة بعد عدم التزام شريحة من الموظفين بالحضور والانصراف، حيث إن كثيرا منهم إما انه لا يحضر عمله أو يقوم بتزوير البصمة وتكليف أحد آخر بالقيام بالحضور والانصراف، بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة تقوم بـ«التبصيم» أول النهار للعمل وتذهب للبيت للنوم أو قضاء الصباح في المجمعات التجارية.
ولكن قبل تطبيق قرار وضع البصمة للحضور والانصراف، لماذا لم يتم عمل استبيان لمعرفة الأسباب الحقيقية لعدم حضور الموظفين أم أنه يتم تطبيق النظام مباشرة من دون عمل بحث كاف؟ ماذا لو أن هناك أسبابا أخرى غير «التسيب» مثل كثرة الموظفين الذين يقومون بالعمل نفسه في نفس القسم ما يجعل الموظف محبطا ويشعر بأن وجوده أو عدمه سواء، او عدم وجود بيئة صالحة للعمل.
وأتذكر أحد الزملاء الذي لم يحضر الى عمله في وزارة لمدة سنتين لعدم وجود مكتب، وغيرها من الأمور التي يجب إصلاحها قبل التطبيق مباشرة كردة فعل.
كما تم الحديث عن الإعفاء من البصمة لمن تعدت خدمتهم 25 سنة وأكثر وليس هناك أي سبب منطقي لهذا الأمر، حيث انهم كبقية الموظفين لهم حقوق وواجبات، فالإعفاء يجب أن يكون لبعض الوظائف التي تتطلب زيارات ميدانية لمواقع مختلفة ما يسبب صعوبة لحضور الموظف إلى مركز عمله، أو بأن تكون المؤسسة مبنية على وضع أهداف ومشاريع لكل موظف، لذا ما يهم أن يتم تحقيق الأهداف في وقتها وطبعا مؤسساتنا ليست مبينة على هذا النظام.
نظام البصمة لن يضمن إنتاجية الموظف ولن يحل المشكلة الحقيقية وهي التوظيف الزائد عن الحاجة، لذا يجب التركيز على توظيف القوى العاملة بشكل حقيقي كي تستفيد منها الدولة وتهيئة بيئة عمل مناسبة مع وضع نظم تقييم تبين إنتاجية الموظف لا ان نكمل سياسة توزيع الثروة النفطية بشكل غير مباشر. وبكل بساطة لو ثبت إهمال الموظف في الحضور والانصراف طبقوا اللوائح عليه حتى يتم فصله ولكي يكون عبرة للآخرين، أما وضع جهاز للبصمة والموظف يعلم أنه محمي من الفصل فلا طبنا ولا غدا الشر.