منذ أن حدثت مذبحة حلب أمسكت بورقة وقلم لكي أكتب فوجدت نفسي عاجزا عن الكتابة لبشاعة تلك المناظر التي لا تزال تحوم في مخيلتي، قتل، تشريد، تعذيب، وجوه ملطخة بالدماء والتراب المنبعث من تحت الركام مذهولة مما حصل لها، كل هذا باسم القضاء على الإرهاب الذي أصبح شماعة لقتل الأبرياء وتشريدهم فهم من يدفع ثمن تحالف روسيا الشيوعية وحزب البعث العلماني وإيران الدينية.
قرأنا في كتب التاريخ عن حكام يفتكون بشعوبهم ويصبح الحاكم بمنزلة إله يطلب من شعبه أن يعبده واعتقدت انه هذه الظاهرة اختفت وأصبح العالم أكثر تحضرا وإنسانية ولكن يبدو أن الإنسانية لا نراها إلا في الكتب فبشار الأسد يريد أن يعيد هذه الصورة الى أذهان السوريين رغم تقدم العالم وأنظمة الحكم.
الشعب يمثل الوطن وعلى الحاكم تقبل أطيافه المختلفة لا أن يفصل شعبا على توجهاته، فحكام العرب ما ان يصلوا إلى الكرسي حتى يختاروا الشعب لا الشعب يختار من يحكمه.
كيف سيرى الإنسان السوري العروبة عندما يهرب من بلده تاركا ذكريات الطفولة ويلجأ إلى دولة غربية تحتضنه وتعامله كانسان رغم كل ما درس عنها بالصغر انهم أعداء العرب وانهم لا يتحركون خطوة إلا وفيها مؤامرة تحاك ضده؟ يوما بعد يوم نكتشف أن العروبة ما هي إلا شعارات، وأستذكر قول الأديب الراحل نجيب محفوظ «أتحدى إسرائيل أن تفعل بنا مثلما فعلنا بأنفسنا».
بعد مذبحة اليهود «الهولوكوست» على يد هتلر انتفض العالم وأسس القوانين التي تدعو لحماية الإنسان وبناء على ما شاهدناه من مجازر في السنوات الماضية يجب وقفها كي لا يصبح دم الإنسان رخيصا ويعتاد الناس على مشاهدة دماء تراق يوما بعد يوم وهنا فقدنا قيمة الإنسان الذي يجب أن يكون هو محور الاهتمام.
علينا أن نترك الطائفية والاصطفاف بجانب طرف أو آخر وما نصطف بجانبه هو الإنسان فيوما بعد يوم تزداد الكراهية ويفتك البشر ببعض وتنتقل عدوى القتل، فمقتل السفير الروسي في تركيا يبين لنا أن هناك بوادر أزمة قادمة، حيث اشتعلت الحرب العالمية الأولى بسبب حادثة اغتيال.
صقر الغيلاني 