جميعنا مر بفرحة التخرج في المراحل الدراسية وخصوصا المرحلة الثانوية التي تعتبر انتقالا إلى نظام جديد به نوع من المرونة والاحتكاك بالجنس الآخر، وما ان يخرج من باب المدرسة حتى يقوم بالفرح الذي قد يصل إلى الرقص أو حذف الكتب وغيرها من الأمور التي قد تكون غير معتادة أحيانا، فالكل يفرح بطريقته لأن المدرسة يعتبرها الكثير عبارة عن سجن حيث الانضباط والواجبات وغيرها.
قامت مجموعة من الفتيات مؤخرا بالرقص فرحا أمام المدرسة وإحضار فرقة موسيقية تعبيرا عن الفرح بتخرجهن. إلى هنا الأمر قد يكون نوعا من الاحتفال المبالغ فيه ولكنه ليس بالأمر المعيب، ولكن الغريب هو ردة فعل البعض تجاه هذه الحادثة من استنكار هذا الفعل والمطالبة بمعاقبة الفتيات وفتح تحقيق وغيرها من الأمور التي لا تتناسب مع حجم الحادثة، ووصل الأمر إلى مجلس الأمة وبدأ بعض النواب بالتهديد والوعيد إلى أن رضخ وزير التربية لمطالبهم بدلا من أن يردهم إلى صوابهم، حيث إن قبة عبدالله السالم يجب أن تناقش أمورا ذات صلة بتنمية الدولة وتطويرها بدلا من أن تصبح محكمة تفتيش.
فلنفرض الآن أن نفس الحدث تم ولكن بواسطة شبان يرقصون ويضعون موسيقى عالية وقد يستعرضون بسياراتهم معرضين الآخرين للخطر وهو ما يحصل كثيرا، هل سيهتم أحد ونلقى نفس ردة الفعل؟ هل سيقوم بعض نواب مجلس الأمة بالصراخ والوعيد والتهديد مثلما حصل مع حادثة الفتيات؟ بالطبع لا لأن الفتيات عليهن ألا يعبرن عن فرحتهن وأن يكتمنها، أما الشباب فمهما فعلوا حتى بالأمور الخطيرة التي ذكرتها فالقلم مرفوع عنهم وهذا يدل على التفرقة في المعاملة.
نواجه ظاهرة غش متفشية ولم أجد هؤلاء النواب يهددون الوزير باستجوابه رغم أنها ظاهرة خطيرة فيمتد الغش إلى جميع المراحل الدراسية حتى يتخرج الطالب في الجامعة وقد يتسبب بكارثة عند عمله. لا يتم الالتفات لهذه الظواهر التي تخلق جيلا فاسدا لا يستحق راتبه بل نركز على الحوادث السخيفة. لذا يجب أن تقف تلك الحادثة عند إدارة المدرسة فقط لا أن تصبح شأنا عاما، وعمل «هاش تاق» في تويتر ويتم سب وقذف لفتيات مراهقات ما يسيء لهن ولعائلاتهن.
نستنتج أن الحكومة تعمل حسب ردة الفعل دائما التي تكون فقط لإرضاء المتذمرين لا بتطبيق اللوائح والقوانين، فمثلا حادثة المعلمة الوافدة التي ضربت طالبة بالكتاب ورغم أنها مخطئة لماذا تم إنهاء خدماتها بدون التدرج في العقوبة؟ أين اللوائح والقوانين لكي يتم تطبيقها بدلا من ردة الفعل السريعة «لطمطمة» الموضوع؟ وهو بالضبط ما حصل لحادثة ثانوية العديلية التي يجب ألا تتدخل وزارة التربية بأكملها من أجل حادثة بسيطة ومن أجل أفواه اعتادت على الصراخ.