كثر الحديث بأن الوافد سبب مشاكل عديدة في الكويت كالخلل في التركيبة السكانية، مشكلة الزحام في الطرقات، ازدياد البطالة للعمالة الكويتية وغيرها من الأمور التي أصبح الوافد شماعة نعلق عليها كل مشاكلنا، وبما أن الوافد ليس له عضو يدافع عنه في مجلس الأمة ولا نقابة تدافع عن حقوقه أو مطالبه وإن طالب بحقوقه ارتفعت الأصوات ضده بقول «احمد ربك» و«مو عاجبك اطلع» لذا أعتقد من واجبي ان أوضح عدة أمور بخصوص الإخوة الوافدين.
عندما صرحت السيدة هند الصبيح وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بأن الكويتيين عمالة غير ماهرة تم فهم مقولتها بشكل خطأ وتم تداولها بأن الكويتيين غير أكفاء أو انهم ليسوا ماهرين بوظائف معينة كانتقاص من قدرهم، ولكن من شاهد المقابلة جيدا يعلم انها تقصد بالوظائف التي لا يرغب الكويتيون العمل بها ومثال على ذلك صباغ، حداد، عامل نظافة وغيرها، وفي حال جدية الحكومة بتكويت هذه الوظائف من الصعب أن تجد كويتيا يقدم عليها لصعوبة الوظيفة ومشقتها والا لما احتجنا الى عمالة وافدة في الأصل.
ومن جانب اخر هناك حاجة لمختصين في تخصصات مختلفة مثل الاستشاريين وقد لا تسدّ العمالة الكويتية هذا النقص لعدم وجود خبرة كافية أحيانا حيث انه من المعتاد ان الكويتي يبقى بجهة عمله لا يغيرها حتى التقاعد الا فئة قليلة تتنقل بين الوظائف والقطاعات وتكتسب الخبرة وهذه الفئة قد لا تغطي احتياج سوق العمل.
لكل مؤسسة أو وزارة الحق في اختيار موظفيها اذا لم يكن هناك كويتي يسد هذه الوظائف ومن المخزي أن يتم تسريب بيانات موظفين مختصين وافدين مع رواتبهم ويبدأ البعض بالحسد ويتساءل «ليش معاشه هالكثر؟» فالراتب يحدد حسب العمل والخبرة لا الجنسية.
بالنسبة لخلل التركيبة السكانية يلقي باللوم على الوافدين انهم سبب الزحام في الكويت وهنا نتساءل اين دور الحكومات المتعاقبة في التخطيط للزيادة في عدد السكان؟ البنية التحتية المتوافرة للنقل هي الشوارع فقط وظلت شبكة الطرقات نفسها حتى تفاقمت المشكلة ثم بدأوا في التوسعات مؤخرا، فماذا بيد الوافد اذا لم يجد الا الشارع لكي يستخدمه حتى يصل الى عمله؟ ولا ننكر أن هناك عمالة زائدة عن الحاجة تصول وتجول في الشوارع وأتت عن طريق تجار الإقامات الذين نسمع عنهم ولا نراهم حيث إنهم غرروا بالوافد للقدوم من أجل العمل في الكويت واستغلوا ظروفه، وبدلا من معاقبة تجار الإقامات نعاقب الوافد ونصب جام غضبنا عليه.
كما كثرت التصريحات عن فرض ضرائب على الوافدين وهو بالأمر الغريب حيث ان الضرائب تستخدم لتمويل الدولة وتطبق على الجميع لكي يشعروا بأنهم سواسية لا أن يستخدم الوافدون كأداة لتمويل البلد ويتم تصفيتهم بهذه الطريقة رغم ان قدومهم للكويت لتحسين المعيشة والا من يترك بلده ويغترب الا للقمة العيش؟ وفي حال اقرار الضرائب ستعاني العمالة الوافدة ذوي الرواتب المتدنية من غلاء المعيشة ولهذا انعكاس سيئ.
علينا الاعتراف بأن العمالة الوافدة احد اسباب رخاء المواطن فإن انخفض عددهم ستقابلها مشاكل أخرى كمشقة الحياة لمن سيحل بهذه الوظائف وعدم قبول الكويتي بنفس راتب الوافد والعزوف عن بعض الوظائف وغيرها من مشاكل.
هذا لا يعني انني ضد ان تكون الكويت غالبية عمالتها كويتية ولكن يجب أن تعالج الأمور بمنطق وبدون ظلم، وفي ظل وجود النفط والاعتماد عليه بهذا الشكل سيكون كل ما يطرح مجرد كلام لن ينفذ.