نظرية المؤامرة.. أي مؤامرة؟

منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى واقتسام الوطن العربي عن طريق احتلاله على يد الأوروبيين أثر معاهدة سايكس بيكو التي مضى عليها 100 عام والإنسان العربي يكاد أن يفسر كل ما يحصل له بأن الغرب له يد بمؤامرة حاكها ضده رغم أننا لا نشكل لهم منافسا يخشونه بعد تقدم الغرب عنا بأشواط. لذلك تحولت هذه النظرية إلى إرث ثقافي تجرعه العرب جيل بعد جيل إلى يومنا هذا ويبدو أنه لا يستطيع التخلص من هذه اللعنة، فالإنسان العربي إذا عجز عن تفسير أي حدث بطريقة منطقية يلجأ للتفسير بطريقة عاطفية تجعل منه الضحية وأنه ليس بيده حيلة فيرتاح ضميره ويبعد نفسه عن نقد الذات ويهمل إيجاد الأسباب الحقيقية المسببة للحدث، لذلك تعد نظرية المؤامرة أشبه بوصفة جاهزة للإجابة عن الأسئلة المحيرة.

استدعت كتابة هذا المقال بسبب تردي وضع الإنسان العربي من سيئ إلى أسوأ فكريا ودينيا وسياسيا واقتصاديا بالرغم من محاولة الانتفاض خلال الربيع العربي. وبرأيي أنه يتحمل جزءا لما يحصل له فقد انتهى دور المحتل ول ايزال الإنسان العربي لا يستطيع النهوض وإيجاد مكانه الصحيح في العالم ولا حتى ان يساهم في اختيار حكوماته التي يجب أن تكون أولوياتها التطوير وإقامة العدل وجعل للإنسان قيمة بدلا من القمع والاستفادة من المناصب وثروات البلد، لذا قام البعض حينما فقد الأمل في بناء الدولة بالسعي نحو الاستفادة الشخصية ونسيان الدولة وعدم المساهمة في بنائها، بينما سعى الآخر إلى تمجيد الطغاة وتبرير أفعالهم الشنعاء ضد أبناء شعبهم تحت راية محاربة الغرب ومقاومته فتحولت نظرية المؤامرة الى مؤامرة بحد ذاتها لتستخدم كذريعة لبقاء الأنظمة المستبدة كونها الوحيدة القادرة على صد الغرب!

ليس ذلك فحسب بل ساهمت هذه النظرية في إضافة سمعة سيئة للإسلام خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أيضا قام البعض باتهام الولايات المتحدة بأن ما حصل نتيجة لخطة مدبرة من صنيعتهم لشن الحرب على الإسلام وكأنهم يحتاجون لعذر ان أرادوا ذلك! فقد دفع ذلك الى تجاهل الخطاب الديني المتطرف وتأثيره على عقل الشاب المسلم في فهم الجهاد بصورة خاطئة والإقدام على تفجير نفسه وسط المدنيين الأبرياء وجعل صورة الإسلام سيئة عند باقي العالم والاكتفاء بأن الغرب متآمر علينا وأن فهمنا للجهاد مرتكز على العنف.

لا أنكر وجود الأعداء فذلك سيكون من السذاجة ولكن على الإنسان العربي أن يتوقف عن ترديد نظرية المؤامرة وألا يستمر في تمثيل دور الضحية وعليه أن يرى الصورة كاملة وألا يخرج نفسه من المعادلة ويبدأ بمحاسبتها محاسبة صادقة حتى تكون هناك نقطة الانطلاق الحقيقية نحو الإصلاح.

http://www.alanba.com.kw/kottab/saqr-alghaylani/694244/27-10-2016-%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%A4%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A9

الكاتب: صقر الغيلاني

متخصص في ادارة الموارد البشرية ومرشد لتطوير القيادة A professional in Human Resources and a leadership coach

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s