لا شك أن التحول الاقتصادي لدبي أثر تأثيرا كبيرا على الكويت وباقي الخليج فأصبحت المقارنة في الخدمات والتنمية والسياحة حديث المواطن الكويتي مما دفع الى استيائه من تردّي الخدمات وانعدام وسائل الترفيه وتعقيد المعاملات الحكومية البيروقراطية.
ورغم ان خطة تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري عالمي بحلول 2030 تتسم بالطموح ولكن ماذا عن إمكانية الكويت في تحقيق هذه الخطة؟ ماذا ينقصنا لتحقيق هذه الخطة؟
تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري عالمي يعتمد على أسس النظام الرأسمالي بشكل أساسي مثل انفتاح السوق المحلي للمستثمر الأجنبي والمنافسة وتسهيل الإجراءات وغيرها، أما في الجانب الآخر النظام الكويتي الاقتصادي القائم على النفط يقوم برعاية المواطنين من المهد إلى اللحد وهذا يشمل تقديم خدمات مجانية من صحة وتعليم وإسكان وحتى ضمان التوظيف للمواطنين، فهل يمكن تحقيق أهداف الخطة بتطبيق أسس النظام الرأسمالي مع الحفاظ على رفاهية ورخاء المواطن؟ ذلك يعني تزاوج نظام رأسمالي مع نظام اشتراكي، نظام يدعم المنافسة والكفاءة وفتح السوق للمستثمر الأجنبي أمام نظام يؤمن رفاهية المواطن على حساب الكفاءة وحماية السوق المحلي ولأنهما نقيضان لبعضهما البعض يستحيل تحقيق أهداف الخطة، فعندما نرى نماذج تنموية لدول اتخذت هذه الرؤية كان تطبيقها لنظام رأسمالي وليس نظام اشتراكي فهل نستطيع ان نعدد كم دولة اشتراكية تحولت لمركز اقتصادي عالمي؟
لكي نفهم لماذا هناك معضلة في تحقيق هذه الخطة والتحول من النظام الاشتراكي الى النظام الرأسمالي يجب علينا ان نفهم طبيعة العلاقة بين الحكومة والشعب والتجار وهي علاقة مبنية على تحقيق الاستقرار الحكومي السياسي بتوفير الرخاء للمواطن والمناقصات للتاجر مقابل غض البصر من الطرفين السابقين عن سوء أداء الحكومة وبطئها في تحقيق أهداف ومشاريع الدولة.
لنفترض أن الحكومة قررت تطبيق أسس النظام الرأسمالي والعمل بكفاءة وستقوم بأول خطوة بفصل أي موظف يتقاعس عن عمله أو كثير الغياب ويتم إعطاء المناقصات للتجار حسب اللوائح والقوانين لا حسب العلاقات الاجتماعية وفتح الباب للمستثمر الأجنبي للدخول والمنافسة مع التاجر المحلي ماذا ستكون النتيجة؟ سيؤدي ذلك بلا شك إلى عدم استقرار في النظام السياسي حيث سيقوم الطرفان بمعاداة الحكومة والضغط بالمطالبة لاسترداد الرخاء وقد يصاحب الأمر مطالبات سياسية أكبر وهو أمر تتجنبه الحكومة.
لذلك عندما نرى طبيعة القرارات السياسية في المجلس والحكومة التي تصب بتوفير الرخاء على حساب التنمية لا نستطيع أن نتفاءل بتحقيق أهداف الخطة المطلوبة.
بالطبع لا اقصد أن يتم قهر المواطن والتاجر من أجل تحقيق التنمية، بل أطالب بإعادة تشكيل العلاقة الثلاثية من أجل أن تكون هناك حقوق وواجبات للجميع لا واجبات فقط.
فالتغيير يحتاج إلى تضحيات من كل الأطراف وتقديم التنازلات من أجل مستقبل أفضل أو أن يكون الكلام كله تمنيات فقط.